الأملُ لا يخبو في نظر السّوري … لكن في الخارج!

غادر الجميع، لم يبقَ إلا الذّكريات، حيث باتت تؤنسنا في وحدتنا مجبرين، صفحاتٌ ودّيّةٌ انطوت وتركت أثر طيّها، على الشّوارع والجدران، كلّ من رآها تذكّر أغنية فيروز “وينن”، وأخذ يتمتم كلماتها، والدّمع عالق يسأل متى الرّجوع؟
كانت وجوه الأصحاب لا تفارق مخيّلتي، في الفترة الأخيرة، أذكر أنّني في كلّ مساءٍ، أرتشف الشّاي، مقلّبةً ألبوم الصّور، عسى أن تهدأ نار الحنين التي اعترت قلبي، كانت كلّ صورة تحملُ رواية جميلة وكثير من الابتسامات، وصرت أتذكّر كم صديقاً أو قريباً خسرتُ مع رياح المغادرين.
الهروب من جحيم المعاناة
توظّب أعدادٌ كبيرةٌ من الشبّان الحقائب، وتودّع الأهل، لالتماس طريق يؤمّن لهم حياة كريمة، كانوا قد فقدوها منذ بداية الأزمة، وما زاد الطّين بلّة هو الغلاء غير المنطقي، الذي سبّب عدم القدرة في توفير الاحتياجات اليوميّة للأسرة، حيث أشارت التّقديرات إلى أن نحو 13 مليون شخص في سورية بحاجة إلى مساعدات إنسانيّة منذ مطلع العام الحالي، أيّ أكثر بنحو مليونَي شخص مقارنةً بمطلع العام الماضي.

ابتسامة اليأس ترتسمُ على الوجوه
يدور هذا الحوار في رأس كلّ شابٍ سوريّ: “مرارة العيش ترغمني على السّفر، لم يعد باليد حيلة سوى الهجرة، ما عشناه في السّنوات الماضية لا يساوي جزءاً من مأساة اليوم، واقع قاسي لا يجدي بأيّ أمل للبقاء ثانية أخرى هنا”.
توصف معاناة الشّباب بهاتين الجملتين:
- “كنّا باقين على أمل النّهوض بمستقبل جيّد، لم نتوقع أنّ الوضع سيكون من سيءٍ إلى أسوء، كانت خيبة الظّن كبيرة، قادتنا لترك كلّ شيءٍ خلفنا والذّهاب”.
- “أرض الله واسعة، وبتضل أرحم من هون”.
الفكرة التي تعطينا بصيص الضوء لنكمل مسارنا هي: أنّ الكثير من البلدان تحتاج لاستثمار العقول الوافدة بما يخدمها، وبالتّالي يمكن أن تجعلنا أعظم شأناً.
أمّا أنا، فأنهيت كوب الشّاي، وأغلقت هاتفي، وبدأت الفكرة تراودني أيضاً، وأقول عليّ أنّ أسافر في مطلع العام القادم، وأردّد في نفسي، عسى أن يبدّل حال وطني بحالٍ أفضل، وأنت ماذا تقول لنفسك؟!
