أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأمقالات عشوائية

أين نحن من القراءة؟

د. مأمون علواني في حوار خاصّ مع د. فاطمة أحمد

د. مأمون هل القراءة لها تأثير إيجابيّ في حياتنا أم إنّها في حالة موت سريريّ؟

نعم لها تأثير إيجابي كبير جدّاً. منذ أن اخترع “غوتنبيرغ” المطبعة من مئات السّنين بدأت ظاهرة القراءة تنتشر بكثرة. فما هي القراءة؟ هي إحدى الوسائل المعرفيّة المتنقلة، وإحدى سبل التّعرّف على ما يفكّر به الآخرون من علماء وفلاسفة وأدباء ومفكّرون … فكلّ ما هو مكتوب يحتاج إلى قرّاء يستقبلون الكلام المكتوب، فالنّاس، على العموم، عندهم تعطّش للمعرفة وبناء ثقافة ذاتيّة، وهذه الثّقافة تحتاج إلى حجر أساس وهو القراءة. نعم القراءة هي العمود الفقريّ لغذاء العقل، وهي مهمّة جدّاً، وليست محصورة بالجوانب العلميّة فقط، بل تشمل كلّ المعارف بما فيها الأدبيّة من قصص وروايات، التي تزرع في العقل أفكاراً جديدة في كلّ زمان ومكان.

أمّا القراءة من الوسائل التّقليديّة، والكتب الورقيّة التي اعتدنا عليها نعم هي في موت سريري، إذ تتّجه القراءة من الكتب الورقيّة نحو الذّوبان لصالح الكتب الإلكترونيّة، وقد نخرج في جنازتها قريباً، إن صحّ التّعبير. وذلك لأنّ عالمنا كلّه سيعود إلى أصل الكون وهو الأرقام. يقول تعالى في كتابه: “كتابٌ مَّرقُومٌ” سورة المطفّفين. فالكون كلّه عبارة عن خوارزميّات وأرقام من صنع اللّه.

أين نحن من القراءة؟

لقد تحوّلت وسيلة المعرفة في زماننا الحاضر إلى أرقام وكتابات إلكترونيّة في الإنترنت والأجهزة الذّكيّة وغيرها. إذاً الكتابة والقراءة من الملفّات الإلكترونيّة لن تموت. ومن النّاحية العلميّة والتّعليميّة أيضاً ستختلف من جيل لآخر بحسب التّطوّر العلميّ الحاصل في العالم والذي يجب أن نواكبه، وألّا نكون متخلّفين عنه وأن نتعلّم استعمال الوسائل الإلكترونيّة الحديثة كي نسيطر عليها بشكل متطوّر. نعم إنّ القراءة من الورق لها نكهة خاصّة ولذّة فريدة لا تتكرّر، خاصّة بالنّسبة لي، ولكنّنا لا نستطيع إنكار التّكلفة وبطئ الانتقال، في حين القراءة الإلكترونيّة تمتاز بالسّهولة الشّديدة في الحصول على الكتاب وقراءته في أيّة بقعة كانت من الأرض، وذلك كلّه في ثانية واحدة!

٢- هل تعدّ طباعة الكتب الورقيّة مرغوبة من قبل الكتّاب ومربحة وسط ما نعيشه من تزاحم ثقافيّ مريب؟

الحال يختلف من عصر إلى آخر، ففي الماضي كانت الكتابة بالقلم هي الشّائعة بين النّاس، ومحبّبة لهم بحكم العادة والممارسة، وأنا شخصيّاً لازلت صديقاً للقلم، إذ أنسجم معه وأتماهى به عند الكتابة، وإن كانت هذه الوسيلة متخلّفة قياساً بالزّمن وبالنّسبة لأبناء هذا الجيل. فمثلاً ابنتي الصّغيرة لا تجيد الكتابة بالقلم بنفس السّرعة الهائلة التي تكتبها إلكترونيّاً. وهذا دليل على أنّ الحركة الفكريّة والعلميّة والتّعليميّة اليوم مختلفة عن أيّامنا الماضية، وهي حركة مفيدة للإنسان المعاصر من كلّ النّواحي. لذلك فإنّ عمليّة بناء المعرفة العقليّة يجب أن تكون معتمدة على القراءة المتنوّعة، فكلّما كانت متنوّعة كلما تغذّى الفكر البشريّ بمعارف جديدة، وهذا الأمر يحتاج إلى وعي وانتباه وحذر، ولاسيّما ما يأتينا من الغرب، لكي لا يدخل هذا الفكر ضمن توجّهات أو أجندات أو قوالب محدّدة تضرّه أو تسيء له.

أين نحن من القراءة؟

ريتنغ يرودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
1 تعليق
الأحدث
الأقدم الأكثر تصويت
Inline Feedbacks
عرض كل التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى