أنوثة ضائعة… يطالبونها بأن تصبح صارخة!

خلق الله في هذه الدّنيا من كلا الجنسين، ليكملوا حلقة الحياة، ويسند كلّ منهما الآخر، ليكونوا رفاق دربٍ يتعاظم دور كلٍّ منهم في كلّ مرحلة.
لكن معايير مجتمعاتنا العربيّة مختلفة بعض الشّيء، فلدينا من قيود، وعقد، وتحفّظات، ما يكفي لأسر روحك قبل أن تولد، ومن المغالطات المجتمعيّة لدينا، والتّفكير المستنسخ جيلاً بعد جيل، ما يقلّل من قيمة الأنثى، واعتبارها كائن من الدّرجة الثّانية، على الرّغم من التّطور، والانفتاح العام الذي يشهده العالم، ولكن عند الملاحظة العامّة للوضع، وادّعاء الجميع بأنّ للأنثى حقوقاً علينا احترامها، ولها الحقّ في ممارسة حياتها، واختياراتها كما تريد، تأتي الصّورة الأدق لتُظهر الأنثى كسلعة، بل مجرّد سلعة في جميع المجالات، وهي الأداة التّجارية الممتازة للترويج.
يُنتزع حقّها في الحياة منذ لحظة تكوّنها، فيرمي المجتمع بتعليقاته السّلبيّة في وجهها وهي مضغة، تكبر مع كلمات الحسرة والأسى على حالها، وعذابها ابتداء من ملابسها، وانتهاء بطرق إزالة شعر جسدها، ودخولها في رحلة هرمونيّة من كلّ شهر، بالإضافة لثقل المقارنات مع كلّ نفس، وكلمة، وتصرّف يصدر منها، لتصل في النّهاية لآلة مجرّدة المشاعر، تعمل بطريقةٍ روتينيّة، وتتحدّث كما يُطلب منها، وتجلس كما يشاؤون، وتنطق فقط عندما يطلبون، ينتهكون أنوثتها بحجة الأدب والأخلاق.

عندما يحين موعد استقرارها؛ يكون للجميع الحقّ في الاختيار معها، إلى أن تصل لحياتها الزّوجيّة، وعندما تبدأ بالشّكوى بأنّها لا تُحسن التّصرف المثالي، ينهالون بكلّ قسوةٍ عليها عبر كلمات اللّوم، ونظرات شاتمة، ويطالبونها بفكّ عقدتها، وتحويل بيتها إلى مرقص، وإظهار أنوثتها الصّارخة، والتّحايل بكلماتها لترضي غرور الطّرف الآخر.
تقف تلك المسكينة حائرة، ما بين كلماتها المسلوبة، ونظراتها المكسورة خجلاً، وطريقتها الآليّة التي تربت عليها، لتتعلّم، وتجاهد كيف ستصبح أنثى؟!
وما بين إرضاء أدب وأخلاق المجتمع، وبين إرضاء بيت الزّوجيّة تقف روحها خانعةً، خاضعةً، ومستسلمة.
لما كلّ هذا الكم من ازدواج المعايير؟! وإلى متى ستصبح الأنثى تحت مسمّى إنسان، من دون رسم ملامح خاصّة بها، وطريقة لباس، وطريقة كلام.
هل حقاً الأنثى مجرّد أداة، يحدّدها موقعها، ويحدّد كيفيّة عملها من يمتلكها؟!
