أمل عرفة… الفنّ أمل …
فلتحترق الشاشات إن لم نشاهد فيها الأمل …
رئيس التّحرير: عامر فؤاد عامر
أعلم أنّي تأخرتُ ، لكن هذا الكلام ليس خبراً ولا سبقاً صحفيّاً، هذا الكلام هو حكاية يومنا الحالي ، ولا بدّ أن أقصّه عليكم كما هو بحقيقته الكاملة ، فلا يصحُ إلا الصّحيح ، ومهما واربنا وأدرنا ظهورنا فلن نواجه إلا أنفسنا في نهاية المطاف.
قد كرّست سنوات الحرب قاعدة هضم حقوق الممثل، فهل يجب أن تستمر هذه القاعدة؟! وهل أصبح المنتج دائماً على صواب؟! علينا أن ننتبه جميعاً لاستفحال هذا الخطأ، ولفداحة ما يحصل، فلنحمي الفنّان ولنحتضنه، بدلاً من استغلاله، وتهميش أهميّته، فلم يتبقَ لدينا سوى هذا العدد المحدود من هؤلاء النّجوم.
أردت أن أقول كلمة حق، عن استغلال الظروف وحاجة الممثل، فقد حوّل هذا الأمر المنتجين لتجّار أزمات، فهل هذا مُناخٌ صحّي لإنتاج أعمال فنيّة نباهي بها وتعيش للتاريخ؟! علينا أن نرفع العصي على بعض المنتجين في هذه المرحلة، أصحاب الصّفات السّيئة، المُستغلين والدّنيئين ، حيث بات أسلوب تشويه الفنّ وحرمان العامل من حقّه قاعدة أساسيّة في مسيرته ، فحينما تكون الظروف الإنتاجيّة والمهنيّة تستحق أن يتكئ المنتج على أجر الممثل والعامل فالعذر هنا مقبول ، وهذا أمر طبيعي لتكافل العناصر من أجل إنتاج أفضل ، لكن عندما يكون العمل مُباع ، وتسويقه قد سبق إنتاجه! فأين هو عذرك أيّها المنتج القبيح؟!

وها هي النّجمة أمل عرفة مثالاً قويّاً نستحضره جميعاً ، قد رفضت العرض المهني ثمّ قبلت ، لتوقّع أضعاف ما كان قد رفضته في المرّة الأولى ، ليس طمعاً وإنما تمسّكت بأدنى حقّها، فلا أحد أصبح يدافع عن الفنّان والمشروع الفنّي، بل باتت الحسابات تذهب في اتجاهاتٍ أكثر توحّشاً .
لكن لماذا أعلنت الفنانة “عرفة” عن هذا التفاوض وهذا التّردّد الذي حصل؟! هناك أسبابٌ وليس سبباً واحداً بكلّ تأكيد، فقد مات الإحساس لدى بعض المنتجين، ولم يعد هناك أمل بأن يكون تقدير الفنان هو مسألة عفويّة وبديهيّة ، بل الحسابات الجاريّة أصبحت بالتّشاطر، وبقدر ما خفّضت من أجر هذا الفنان أو غيره بقدر ما تكون قد وفّرت على نفسك، فهل ما يجري هو شطارة فعلاً، أما دناءة وحقارة؟!.
إن إعلان الفنانة الجميلة أمل عرفة على صفحتها ما حصل معها ومع شركة الإنتاج، يشبه إعلان الوفاة الذي ننشره على صفحاتنا، لأننا بحاجة لكلمة تعزية ومواساة من المقربين والأصدقاء، وإن كانت مسايرة، ولكنها كلماتٍ تعني لنا، وهذا فعلاً ما حصل، فـ”أمل” هنا تنعي وفاة الحقّ، وضياع القيم، تريد أن تستأنس برأيٍّ حكيم، وكلمةٍ صادقة، فالأمر يزداد سوءاً عاماً تلو الآخر.

لا بدّ من استكمال الحكاية ، تدخّلت الوساطة وكان هناك اتفاق جميل ، ولا أقول لصالح الفنّانة ، لكنه لصالح الدّراما السّوريّة ، فاتفاق كهذا الاتفاق لا بدّ أن يذكّر جميع المنتجين بضرورة تقدير الفنّان الذي شكّل جزء من الهويّة السوريّة عبر عشرات السّنوات سابقاً ، في حين اليوم أنتم ساهمتم في إبعاده وتشويهه وتهميشه، بل حتى في تجويعه! وبالتالي أنتم تساهمون في طمس الهويّة! فلتُطفئ ولتحترق الشّاشات إذا لم يكن فيها أمل عرفة، التي رسمت تاريخاً في الدّراما السّوريّة والعربيّةً، ومطلوب منّا ألا نضيعه أو نمحيه.
احموا هؤلاء النّجوم، داروا الشّموع كي تتّقد، فالمرحلة لا تبشّر بالنّور كثيراً، ولنفكر معاً: ماذا يطلب هؤلاء النّجوم من أرقام؟ إنها أرقام تكاد لا تُذكر أمام نجوم الدّراما العالميّة، على الرّغم من أن إمكانيّات النّجمة أمل عرفة توازي بل تزيد النّجوم في الدّرامات الأخرى على مستوى العالم، ولكن السّؤال سنطرحه على المنتجين : هل تستطيعون جلب نجمة من تلك الدّرامات بنفس الأجر الذي تقدّمونه لنجماتنا ونجومنا؟! بل هل تستطيعون استقدام نجمة بنصف موهبة أمل عرفة؟!
إنها كلمة ويجب أن تقال ، لو أننا نعيش ظروفاً صحيّة متوازنة لإنتاج الفنّ من أجل الفنّ، لكانت أمل عرفة مدرسة فنيّة مستقلة، فمن يتابع أعمالها ومسيرتها سيعلم بأنها لا تشبه أحداً من الممثلات عبر التّاريخ لا في الصعيد المحلّي ولا العربي، ولا أبالغ إن قلت على صعيد عالمي ، وأنا لا أمدح أمل عرفة شخصيّاً، بل أمدح نجمةً تفيض بالطّاقة، وكان من الممكن تكريس نجاحها لتكون في مصاف النّجاح العالمي، فانتبهوا جيّداً لما لديها من ملكات قبل أن نتجادل في أجرها ونتشاطر.
