أحدث الأخبار الفنيةأحدث المقالاتأهم المقالاتاخبار فنية عامةبقلم رئيس التحريرسلايد اخبار فنيةفـــن

“أخوة التراب” … لا أخوة ولا تراب …

رئيس التّحرير: عامر فؤاد عامر

ما يزال داء العبث حاضراً في حياتنا، وإذا لم نجد من أحدٍ يعبث بنا، فنحن من يعبث، وكأن هذا الدّاء صار من اختصاصاتنا، وبات جارياً في دماء البعض منا.

نَعيٌّ آخر للدّراما السّوريّة، لكنه نعيٌّ من نوّعٍ مختلف، فلم تعد القصّة في الإنتاج الجديد “الرّديء” وحسب، بل أصبحنا ننبشُ في المنتج القديم من مسلسلات درامانا، التي حفرت تاريخاً مهمّاً في الإنتاج الفنّي، لا السّوري فقط بل على صعيد الوطن العربي، إذّ تعرّض كنزنا الدّرامي لمواضيع قذرة ولمسائل تفتك بمعنويات الغائب الحاضر.  

تطال أيدي الوساخة اليوم شارات مسلسلات تلك الحقبة، لتغيّر وتبدل الأسماء، وتقتصّ من فلان بإلغاء اسمه ودوره في بناء العمل الدّرامي، مع العلم أن أثره وتعبه قائمان في العمل، لكنه وبحسب العابث محرومٌ من أن يزيّن اسمه شارة العمل!

ربان الدراما السورية أيمن زيدان

نحن كنا “أخوة التّراب”، لكن أصبحنا أخوة القبور، أخوة الكورونا التي لعنت أنفاس سكّان الأرض، عن أي ترابٍ وأيّ أخوةٍ تتحدّثون؟ … في الأمس ينشر ربّان الدّراما السّوريّة أيمن زيدان على صفحته الشّخصيّة في “فيسبوك” رسالةً يبيّن فيها موقفه مع الكاتب الدّرامي حسن م يوسف، الذي ذكر مؤخراً عتباً على صفحته الشّخصيّة، يتبيّن منه أن اسمه كمؤلف لنصّ وسيناريو وحوار مسلسل “أخوة التّراب” قد حُذف من شارة العمل نهائيّاً، وقد أوضح الفنان “زيدان” أن ما يجري ليس سوى “مسألة موجعة اغتالت جهدنا، وجهد كثير من المبدعين والتقنيّين، الذين أسهموا في إنجاز مسلسلات شكّلت علامة فارقة….”.

والسؤال هنا هل ما حدث من عبثٍ في شارة المسلسل يخصّ كاتب العمل فقط؟! إذّ أن مثل هذا الفعل التعيس، يمسّنا جميعاً كمشاهدين، فالنّص هو العمود الفقري لأيّ عمل، ومن دونه لا يتعلّق المشاهد بالمسلسل المهم؟! الذي وثّق بلغة بصريّة مرحلة مهمّة من تاريخنا.

الكاتب حسن م يوسف

نحمد الله أن الكاتب حسن م يوسف ما يزال على قيد الحياة، كي يعترض ويشير إلى هذه الدّناءة، والسّؤال الآخر هنا: هل تغيير جهة الإنتاج لصالح أخرى يعطي الحقّ للأخيرة بأن تخرّب شارات الأعمال التّلفزيونيّة التي أصبحت بحوزتها؟! حتى لو كانت الجّهة التي آلت إليها الملكيّة هي التّلفزيون العربي السوري، صاحب التّاريخ المهمّ الجامع ليس السوريين في تجاربه وإبداعاته بل العرب جميعاً، منذ فترة سّتينيات القرن الماضي وما لحقها من أعمال مهمّة وفريدة، حتى نصل اليوم لإدانة هذه الأفعال، إذّ لا يحقّ لمونتير غافٍ على كرسيه بأن يخرّب شارة عمل، ويستقصي أسماء وموسيقى كيفما يحلو له، وبلحظات يُنسف تعب أناس شقوا، وتعبوا، وسهروا شهوراً حتى صنعوا أيقونات مهمّة، ما زال المتلقي العربي يشاهدها كلما عُرضت على الشاشة.

ما هذا الشّر، ومن همّ صنّاعه؟! كيف يتمّ تسليم أعمال الدّراما السّوريّة بهذا الشّكل؟! ما هذا الخزيّ الذي وصلنا إليه؟! نُخفي الغايات بغطاءٍ قذر فقط من أجل تغييب أسماء وحذف أخرى! هل هكذا تكون المصلحة العامّة؟، وهل هكذا نحافظ على تاريخنا وهويّتنا؟! وإذا كنتم قاصدين هذا الفعل فأنتم صنّاع اللا نخوة، وإذا كنتم غير قاصدين للفعل فهذا أصعب وأشدّ خطورةً، إذّ أنكم وضعتم الأمانة في غير مكانها.

نحن على ثقةٍ بأن هناك من سيسمع الصّوت، وسيسعى لحلّ المسألة بصورةٍ لائقة، بأن تعاد الشّارات كما كانت في كلّ الأعمال الدّراميّة السّوريّة، فما اعتدنا أن نطمس تعب الآخرين، ولا نقبل بأن يكون للكره موقف في حياتنا، فلنحافظ على ما حققته درامانا من بريقٍ يوماً ما، ولنتجاوز هذه الزّلات، حتى لا يصبح العبث قاعدة نستهين فيها تعب ومشوار الآخرين.

AYMAN ZIDAN

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى