أحدث المقالاتأهم المقالاتإقرأالمقالات عامةبقلم رئيس التحريرمقالات عشوائية

أبو الهول نائم

رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر

انتشر في الآونة الأخيرة خبر على مواقع التّواصل الاجتماعي أفاد بأنّ أحد المصوّرين الهواة التقطَ صورة لتمثال أبي الهول بدى فيها نائماً أو مغمض العينين!

كان انتشار الخبر كالنّار في الهشيم، وصل إلى “تريند” رقم واحد في مواقع الـ”سوشيال ميديا” في مصر، ولدى متابعة اهتمام الجماهير بالموضوع وجدنا أن قسماً كبيراً منهم أصيب بالذّعر والخوف من هذا الخبر، وفسّروه على أنّه دلالة لاقتراب نهاية العالم، وأن مصيبة كبيرة لا بدّ ستحلّ على الكوكب لا سيّما مصر! وانطلقت مواكب السّيارات مسرعة باتجاه التّمثال لمشاهدة غفوته، والاطمئنان على صحته!

أبو الهول نام
أبو الهول نائم

تناولت النّاس الموضوع باهتمامٍ بالغ، لكن قسماً آخر منهم تندّر على الحكاية، وكانت وسيلة للتّسلية الضّحك، على صفحاتهم في الـ”سوشيال ميديا”. لكن السّؤال الذي يطرح نفسه بقوّة أمام هذه الشّائعة التي شغلت بال الملايين من شعوبنا العربيّة، لماذا صدّقت النّاس أنّ أبو الهول نام؟! ولماذا انتشرت تفسيرات لا حدّ لها في المنطق والتفكير السّليم؟!

وضع الدكتور في علم النّفس صالح عبد الكريم، المستشار النّفسي والتّربوي، خمسة أسرار نفسيّة وراء تصديق النّاس لهذه الإشاعة، وأحببتُ أن أعرضها عليكم هنا على منصّة “ريتنغ”، لعلنا نكافح هذه الشّائعة وغيرها من الإشاعات، ونُعمل تفكيرنا المنطقي ليكون حاضراً على الدّوام.

أبو الهول نام
الدكتور صالح عبد الكريم

أولاً الخلل في التّربية:

لطالما يخضع الإنسان في مجتمعاتنا العربيّة لأساليب تربية خاطئة، تربيه منذ الطّفولة على الخوف، فغالباً ما يتعرّض الطّفل من أمّه أو جدّته مثلاً لتسمياتٍ تُفزع مثل: الغول، أبو رجل مسلوخة، الأعور، الوحش … وغيرها من التّسميات من أجل السّيطرة عليه إدراكاً منهم كي لا يقع في مشكلة أو ورطة أو تجربة صعبة الحلّ عليهم.

ثانياً الخلل في التّعليم:

ينطلق الطّفل إلى تجارب الحياة ليصطدم بقصص الخرافات، التي يجدها في المحيط الأوسع، ويتقبّلها لأنّ الفكرة لها أساس في تربيته أصلاً، ثمّ تترسخ أكثر مع أفلام الكرتون التي تعتمد في جانب منها على الخيال غير المدروس، فتتغذّى الفكرة أكثر في داخله، لا سيّما وأن قنوات العرض في العالم العربي لا تدرس ما تعرضه للأطفال مطلقاً، هي تستقبل الأفلام والمسلسلات ولا تصنعها، ومع مرور الوقت ينشأ الطّفل على أفلام السّينما من رعب وتشويق وغيرها التي سيشاهدها ولو بصورة عارضة، لكنها تتكاتف مع أساسات قديمة لتشكّل داخله خللاً علميّاً لن يدركه بذاته.

ثالثاً الخلل في التّفكير:

أمام تكوين الشّخصيّة السّابقة سيغلب التّفكير الانفعالي على العقلي، ويغدو الشّخص بعيد عن أيّ نوع آخر من أنواع التّفكير الأخرى كالتّفكير العلمي، والإبداعي، والابتكاري، والمنطقي وغيرها. ويكبر هذا الخلل مسبّباً اضطرابات كثيرة على حساب إضعاف أنواع التّفكير الأخرى التي لن يستخدمها في حياته!

رابعاً الخلل في العقيدة:

تمهد الأسباب الثّلاثة السّابقة لإضعاف العقيدة السّليمة لدى الشّخص، مما يولّد داخله قناعاتٍ لها علاقة بالإيمان بالمجهول والغامض وربطه بالتّنبؤ السّلبي، وهنا إشارة للشّخصيّة المضطربة والقلقة، والقلق السّلبي الذي يجعل الشّخص على إيمان بمقدرة الأصنام على العقاب، وعدم تفسير الظّواهر تفسيراً منطقيّاً أو علميّاً.

خامساً ساحر العصر الحديث الـ”سوشيال ميديا” كما وصفه الدكتور صالح:

الذي أصبح اليوم لاعب أساسي في عقول البسطاء، وتزييف الحقائق، وكثير من يصدق أنّ أي صورة أو فيديو ينشر بسرعة وبكثافة سيكون هو الحقيقة.

أبو الهول نام
الشاعر معروف الرصافي

بعد مروري على هذا الـ”تريند”، لا يسعني إلا استذكار القول المشهور للشّاعر الكبير معروف الرّصافي الذي وصف فيه حال العرب وما يزال هذا الحال يشكو:

يا قومُ لا تتكلّموا إن الكلام محرّمُ

ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النّوَّمُ

وتأخروا عن كلّ ما يقضي بأن تتقدّموا

ودعوا التّفهّم جانباً فالخير ألا تفهموا

ريتنغ برودكشن

Amer Fouad Amer

صحفي مستقل / القسم الثقافي والدرامي النقدي مقدم ومعد برامج
زر الذهاب إلى الأعلى